أخبار

حياة على الرصيف.. يوميات أطفال بلا مأوى في شوارع القاهرة

تقرير – أماني عبد الوهاب

مقدمة

في قلب القاهرة، حيث يختلط صخب السيارات مع خطوات المارة، يعيش عشرات الأطفال حياة لا تشبه طفولتهم، وجوه صغيرة تحمل ملامح أكبر من أعمارها، تبحث بين ضوضاء المدينة عن كسرة خبز أو مكان آمن للمبيت، إنهم أطفال بلا مأوى، تركوا مقاعد الدراسة ليواجهوا شوارع قاسية لا تعرف الرحمة.

على إشارات المرور، يقف أطفال لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، يبيعون المناديل أو يمسحون الزجاج، بينما تتسابق السيارات من حولهم، بعضهم يهرب من فقر أسرته، وآخرون هربوا من منازل تحوّلت إلى ساحات عنف، الشارع بالنسبة لهم ليس مجرد مكان، بل مأوى اضطراري.

صورة أرشيفية

ليالي القاهرة الباردة وأسفلت بلا غطاء

مع غروب الشمس، تبدأ معاناة أخرى يلتف الأطفال حول بعضهم فوق الأرصفة الباردة، يستخدمون الكرتون كغطاء، ويحكون قصص يومهم على ضوء أعمدة الشوارع، الخطر يحيط بهم من كل اتجاه، من تحرش، لعنف، لجوع يفتك بأجساد هزيلة.

العديد من هؤلاء الأطفال يعمل لساعات طويلة في ورش، أو جمع البلاستيك من القمامة، أو حمل البضائع في الأسواق بأجور زهيدة، وبيئة خطرة، وحقوق غائبة،تقارير المنظمات تؤكد أن القاهرة تضم آلاف الأطفال العاملين، بينهم نسبة كبيرة بلا مأوى أو عائلة ترعاهم.

صورة أرشيفية

مخاطر الإدمان والاستغلال

بعض الأطفال يجدون في البنزين أو الكلة وسيلة للهروب من واقعهم، فتلتقطهم شبكات استغلالية تُحوّلهم إلى أدوات للتسول المنظم أو السرقة، تحذيرات أمنية وإنسانية تتزايد بشأن استغلال العصابات للأطفال في أنشطة غير قانونية.

وزارة التضامن أعلنت عدة حملات لإنقاذ أطفال الشوارع، وتوفر دور رعاية وفرق إنقاذ، لكن الأعداد الضخمة والعودة المتكررة للشارع تجعل المشكلة أعقد. تقارير رسمية تؤكد أن جزءًا من الأطفال يرفضون الإقامة في دور الرعاية لأسباب تتعلق بالخوف أو الإدمان أو الاعتياد على الشارع.

صورة أرشيفية

أصوات تبحث عن من يسمعها

خلال جولة في وسط البلد، التقى مراسلون بعدد من الأطفال الذين قالوا إنهم يتمنون العودة للدراسة، أو العثور على منزل يشبه البيوت اللي نراها في التلفزيون، وراء كل طفل حكاية، ووراء كل حكاية وجع لا يُرى.

غياب الوعي المجتمعي، ضعف دور الجمعيات الأهلية في بعض المناطق، التعامل القاسي من بعض المواطنين، كلها عناصر تزيد جراح هؤلاء الأطفال، القضية أكبر من وزارة، إنها مسؤولية مجتمع كامل.

صورة أرشيفية

خاتمة

أطفال الشوارع ليسوا مجرد مشهد عابر في القاهرة، بل جرح ممتد يحتاج علاجًا حقيقيًا، إنقاذهم ليس رفاهية، بل ضرورة إنسانية وأمنية واجتماعية، فهؤلاء الأطفال إذا لم يجدوا يدًا تمتد لإنقاذهم اليوم، سيكبرون على الرصيف غدًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى