ثقافة وفن
أخر الأخبار

قصة قصيرة صك البراءة

 

بقلم : نجوى عبد العزيز

__________________

 

رغم هجراني لأشواق تطويني إليك، رغم صقيع الأماني، أراك في صحوي طيفا يعيث في أمنى الافتقاد، يعبث بخواطري… تُحلق خفقاتي حالمة بأوقاتك… تحن إليك دقائق أحلامي… فيطويها سهد وعناد ودمعة كبرياء تأبى محاولات الفؤاد، نزع فتيل الوجد إليك… في صرير القلم أسمعك تقرأني، تراني ، تجفو حناني ، في شدو بلابل الـود تتشابك آمالنا وأصابعنا لتقـفز فـوق البعد التتاري الذي سعينا به، لقتل محبة فتح الجميع عليها النار

ها أنت من جديد تتصدر عيـوني ، فيقسم من يراني أني بك

مغرمة…

هل حقا رحلنا عن أنفاس الحيـاة ، حين أصدر القدر مرسومه بوقف النبض في عمرينا؟

رحلت زوجتك عن الحياة بعد صراع مرير مع المرض ، والتقيتك حناناً في كبرياء الحزن ، جذبني من ذاتي ، وجاء بي إليك… تعانقت روحانا وقلبانا ، أقسم الأولاد عليك ألا تغادر محراب الذكرى… أن تظل راهبًا للراحلة العظيمة، فشلتَ في إقناعهم…. فتمرد فينا الحب .. تزوجـنا! فتحاملت علىَّ البنات ولفقن لي خيانة ؛ أحس نبضك عظم فحشها وقسوة الافتراء فيها…. قاطعتهن وتبعتني إلى عالمي الذي أنت فيه سلطانًا وسيدًا .

كانت نظرات الأسى تـقطر من عينيك، حين تنظر إلى أمـاكن تواجدهن حولك فتهمـس صامتا: ” آهة ” تُضنيني ، تُخرس داخلي إحساسي بالوجود ، تستصرخني أن آتيك بهن..

جُرْتُ على نفسي … ذهبتُ أسترضيهن وأنا صاحبة الحق !! فعلتُ ما أملاه علىَّ ديني الذي يأمرنا بالعفو…. بالتجاوز عن إساءة الغرباء فما الحال بذوي القربى والرحم ؟ ألم يقل ربنا تبارك وتعالى ( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم)

استشاط فيك الغضب لمخالفتي أوامرك.. تركتني ورحلت ؛ وأمعنت في النأي والهجران…كبرُت داخلي تضحيتي من أجلك، إيثاري لك على كبريائي، تجاوزي عن إنسانيتي لإسعادك، فنقشت داخل القلب اندحار المحبة، انكسار الود، فحملتُ متاعي وعدتُ إلى دار أبى مهزومة بعفوي عن بناتك، كسيرة الخاطر بظلمك لي؛ مضطهدة بلهيب عنادك ..

مضت شهور خلتها دهورًا ، والعناد داخلك يشتبك مع حبك في عراك ، فلا تخضع ولا يرق قلبك، حاولت البنات الاصلاح بيننا ، تقديراً لموقفي منهن، أتين يُعلنّ لك محبتهن لي .. يُسلمنك صك براءتي من زيف تدبيرهن.. !!!

لكنك على تجبرك لم تزل، حتى تفتق الحلم الدافئ عن سراب الإيثار.. !

أفقتُ مشدوهة،سمحتُ لكبريائي أن تُعلنك بثورة تعجبها من صقيع لا مبالاتك.. من غلو جبروتك، من تمزيقك أواصر الود بين قلبينا أجبتني بعنجهية : ( قضى الأمر الذي فيه تستفتيان ) .

هكذا!!

أغلقت الهاتف .. خرجتُ من محادثتي معك أجرجر أذيال الخيبة.. أوزار شقائي بقسوتك، ورحيل المودة من قلبك…

ترفقت بي إنسانية ابن العم ، لملم الود الذبيح وسقى الرحمة بالرحمة ، قال لي: قصة حبكما كانت مضربـًا للأمثال ولكنه اختار البعاد هل تقبلين الزواج مني ؟!!

لا ادري كيف امتثلتُ لنهر العطاء ، الذي جذبتني أمواجه إلى شاطئ الأمان .. مددتُ يدي إليه، صعد بي هاوية الرحيل عنك.. أنجبتُ ابنــًا أسماه زوجي باسمك.. أرسلت لي تُلقي باللوم على ّ.. تستعدي ضميري .. عجبًا لأنانية غرورك ..

يكبر طفلي وتتسع داخلي شهامة الإيثار ، نخوة الأصالة..

أصبحتُ أتيه بزوجي .. رمز النقاء .. أزهو بصك براءتي .. دخلتُ ذات ليلة على زوجي، وجدته في صلاته يدعو الله أن تنتشلني محبته من نير ظلمك ..

انبثق النور داخل القلب فأضاء حياة صغيري وزوجي حبـا وودًا وحنانــا .. انجلى عن فؤادي بقايا وهم كان يربطني بماضٍ اغتاله رصاص الغضب.. وسيف التحدي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى