《 11 》خاطرة وفكرة خارج الصندوق للثانوية العامة المصرية وما حولها.
بقلم :
أد / عادل سرايا
أستاذ تكنولوجيا التعليم -كلية التربية النوعية جامعة الزقازيق
عضو اللجنة العلمية للترقيات بالمجلس الأعلى للجامعات
مستشار رئيس جامعة الزقازيق
والمشرف العام على كليات الجامعة بقطاع شمال الشرقية
dr_aesaraya_7@yahoo.com
_______
أولا: تمهيد:
ظهرت خلال الـ20 سنة الأخيرة مجموعة كبيرة من الممارسات والظواهر كانت غالبيتها – للأسف – مرتبطة التعليم العام بكافة مراحله.
ونظرا لان المجتمع المصري يعيش هذه الأيام حالة جدلية غير مسبوقة مصاحبة لامتحانات ونتائج الثانوية العامة وما تلاها من أفراح في بعض الديار وأحزان وعويل في ديار أخرى ؛ سوف نطرح في هذه السطور وبإيجاز شديد لبعض من الخواطر والأفكار التي تعتبر أفكار غير تقليدية ( خارج الصندوق Think Outside The Box) والمرتبطة بنظام امتحانات الثانوية العامة بشكل مباشر وبعض مكونات منظومة التعليم العام بشكل غير مباشر وهي خواطر وأفكار من المؤكد أنها لن تنال إجماعا عليها ولكنها تفتح مجالا للنقاش والحوار الهادئ حتى نصل لحلول واقعية لمشكلات مزمنة يزداد حدتها يوما بعد يوم.
وقبل سرد الخواطر والأفكار ننوه إلى أنه ما زالت هناك قناعات لدى الغالبية العظمي من السادة أولياء الأمور بأن مستوى أبنائهم أعلى كثيرا مما تحصلوا عليه في امتحان الثانوية العامة، بالإضافة إلى شكواهم من ظاهرة الغش الجماعي في عدد غير قليل من المدارس وحصول عدد كبير من طلاب بعض المدارس على مجاميع مرتفعة دون وجه حق – من وجهة نظرهم- وما ترتب عليه من ارتفاع كبير في نسب الرسوب عند الالتحاق بكليات الطب وطب الأسنان.
– وإذ نطرح هذه الأفكار ليس بغرض النقد الهدام أو إحراج المسئولين أو المؤسسات المعنية؛ لكنها محاولات ورؤية ذاتية للمشاركة الفعالة في العلاج والتطوير عبر طرح مجموعة من الخواطر والأفكار والحلول التي نتمنى أن يخصص لها مساحة مناسبة من النقاش الهادئ والموضوعي والبناء للخروج بتوصيات إجرائية يتعامل معها صناع القرار ومتخذيه بجدية واهتمام و واقعية ، كما نود توجيه نظر المجتمع بكافه أطيافه – قبل الدولة – إلى خطورة نتائج هذه الممارسات واستمرارها والرضا عنها على مستقبلنا جميعا، كما نهدف إلى صياغة مصفوفة من الحلول الواقعية تستوجب قرارات وقوانين حازمة وحاسمة لحل أم الأزمات في التعليم العام ( الثانوية العامة ) على أن تتناسب هذه الحلول مع بدايات ظهور الجمهورية الجديدة والتي نتمناها جمهورية قائمة على رباعية [ الأخلاق – العلم – العمل – الإنتاج ].
وأخيرا فإن الحديث في ملف التعليم لا يكفيه مجموعة أفكار أو سطور من رؤية خبير وممارس فقط؛ بل الأمر يحتاج وبشكل عاجل إلى تنظيم مؤتمر قومي كبير برعاية الدولة ومشاركة كل المفكرين والمتخصصين والخبراء والمهتمين ، نظرا لأهميته القصوى باعتبار أن التعليم قضية أمن قومي، وان ما سيطرح هنا من أفكار ترتبط فقط بجزء بسيط من المنظومة التعليمية وهي الثانوية العامة وامتحاناتها وبعض الملفات والأمور المرتبطة بها.
——
ثانيا : تنويه مهم: هذه الخواطر والأفكار وغيرها متضمنة في إصدارنا المعنون بـ[ خواطر وأفكار مجتمعية ]، ولذا يرجى عند الاقتباس الإشارة إلى التوثيق التالي:
– عادل سرايا ( 2022): خواطر وأفكار مجتمعية ( الجزء الأول)، الزقازيق ، مكتبة التميز للطباعة.
***
ثالثا: موجز الخواطر والأفكار الجزء الأول وعددها [ 11 ] خاطرة أو فكرة :
1. تقسيم امتحانات الثانوية العامة لفصلين.
2. ضبط امتحانات الثانية العامة ( أ)
3. ضبط امتحانات الثانوية العامة (ب)
4. السنة التحضيرية.
5. إلغاء نقل المعلمين والملاحظين بين المحافظات وتفعيلها بين مراكز المحافظة فقط[ أزمة ثقةDistrust ].
6. بشأن الإعلان عن نتائج الثانوية العامة.
7. درجات خاصة بالعملي للمواد الدراسية العملية.
8. إتاحة فرصة ثانية للطلاب الراسبين للحصول على الدرجة كاملة وليست درجة النجاح.
9. امتحان الكفاءة الجامعية University Qualification Exam(UQE)
10. اعتماد الكتب الخارجية بدلا من الكتب المدرسية.
11. درجات للحضور والسلوك.
*
رابعا: التحديات التي تعيق تنفيذ هذه الأفكار وتحويلها لقرارات وبرامج عمل تنفيذية:
– التحدي الأول : وهو التحدي الأكبر و الذي يتمثل في كيفية إعادة الطالب للحضور المنتظم للمدرسة وخاصة في المرحلة الثانوية بصفوفها الثلاثة، ومن المؤكد أن هذا التحدي يرتبط ارتباطا وثيقا بإتاحة المعلم المناسب والمؤهل لجذب الطلاب وتعويضهم عن التعليم الموازي والذي يتم بعيدا عن عيون الوزارة في مراكز وغرف الدروس الخصوصية كما يرتبط بالفكرة رقم 11.
*
– التحدي الثاني: إبعاد الدخلاء على مهنة التدريس، وانتشار ظاهرة امتهان الدروس الخصوصية لغير التربويين لكل من هب ودب، من طلاب – نعم طلاب للأسف – وخريجين بعض الكليات مثل كليات الطب البشري والطب البيطري والهندسة والبترول والصيدلة والعلاج الطبيعي وغيرها ، وأي حد عاطل يرغب في زيادة دخله يستطيع ببعض الإعلانات الجاذبة عن مهاراته الفذة في التدريس لمواد دراسية محددة، ويعود السبب في ذلك إلى عدم وجود المعلم الجيد المناسب والكفء في المدارس والتي تعاني عجزا واضحا من المعلمين وندرة في المعلمين الأكفاء والمتميزين بالمدارس وعدم كفايتهم لسد حاجة المدارس منهم وبالتالي لابد من وحود رخصة معتمدة مزاولة المهنة وعقاب حقيقي لأي ممارس للمهنة من غير التربويين
*
– التحدي الثالث : غياب ثقة المجتمع Distrust – إلى حد الانعدام – في أي أطروحات أو قرارات ومشروعات تطويرية يتخذها أي مسئول أو أي جهة معنية بتطوير التعليم ، او المعلمين المصريين مع ملاحظة وجود مقاومة شديدة لأي عمليات تغيير من المجتمع.
*
– التحدي الرابع: التغيير الحادث في المنظومة القيمية للمجتمع والتي من أبرزها في هذا السياق الرضا المجتمعي عن بعض الممارسات غير الأخلاقية المرتبطة بالتعليم وأهمها رضا الغالبية الكبيرة من أفراد المجتمع عن ظاهرة الغش وحماية الغشاشين وتوفير أدواته، بل وأحيانا تشجيع الآباء للأبناء باستغلال الفرصة للغش في حالة توفره ، ومن العجيب أن يصل الأمر أحيانا إلى الاعتراض على من يحاول أن يحافظ على هدوء لجان الامتحان ومنع الغش فيها لدرجة الهجوم على رؤساء بعض اللجان بالضرب بالأحذية ( ولنا في واقعة مدرسة السنبلاوين العبرة)
خامسا : الخواطر والأفكار :
الفكرة الأولى : تطبيق نظام الفصلين الدراسيين على الثانوية العامة و وجود امتحان منتصف العام على ما تم دراسته من محتوى، وتستهدف هذه الفكرة الحد من الرهبة والقلق من الثانوية العامة وامتحانها ، والأهم إعطاء فرصة للطالب للتعويض في امتحانات الفصل الدراسي الثاني، و إن كانت هناك تكلفة مرتفعة لتنفيذ هذه الفكرة و لكنها أمام مميزاتها فهي قليلة.
الفكرة الثانية : بشأن ضبط امتحانات الثانوية العامة وتوفير المناخ الداعم لحصول كل طالب على حقه وفقا لمستواه الفعلي (أ) :
– إجراء امتحانات الثانوية العامة وتنظيمها داخل الحرم الجامعي لكل محافظة[ لكل محافظة جامعة داخلها] وذلك بإشراف مشترك بين وزارة التربية والتعليم و وزارة التعليم العالي، وهو الأمر الذي يقلل إلى حد كبير بل نهائيا من ظاهرة الغش الجماعي والممارسات المرتبطة بإرهاب الملاحظين والضغوط التي يتعرض لها السادة رؤساء اللجان وغيرها من ممارسات الكل عارفها لا يجوز نشرها على العامة.
وتستهدف هذه الفكرة أيضا الحد بل منع الغش الجماعي نهائيا وتوفير مناخ هادئ يحصل فيه كل طالب على حقه كاملا وفقا لمستواه ومميزات أخرى لا يتسع المقام لذكرها. ، إن كانت من أهم عيوبها: التكلفة العالية لمكافآت أساتذة الجامعات ولكن أمام منع أهم ظاهرة سلبية تدمر مستقبل المجتمع فهي قليلة ويمكن توفيرها بسهولة من خلال قراءة تحليلية في سياق هذه السطور.
الفكرة الثالثة : بشأن ضبط امتحانات الثانوية العامة وتوفير المناخ الداعم لحصول كل طالب على حقه وفقا لمستواه الفعلي (ب) :
– إشراف أساتذة الجامعات على تنظيم امتحانات الثانوية العامة داخل المدارس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم مع توفير حماية كاملة من رجال القوات المسلحة والشرطة، وذلك باعتبار أن امتحانات الثانوية العامة والأزهرية وامتحانات الثانوية الفنية وغيرها ، ليست أقل أهمية من الانتخابات المتعددة التي يشرف عليها القضاء بهيئاته المتعددة.
الفكرة الرابعة: بشان السنة التحضيرية واعتبار الثانوية العامة سنة غير منتهية.
– استحداث السنة التحضيرية Preparatory Year كشرط للالتحاق بالجامعات ومن أهم مميزاتها تحديد مستوى الطالب الحقيقي، وهل ما حصل عليه من مجموع في الثانوية العامة يستحقه أم لا؟.
– حيث يتم صياغتها بشكل يتيح دراسة الطالب لأكثر من تخصص في مسار واحد على أن يكون لمجموع الثانوية وزن نسبي لا يزيد عن 80 – 70 % ونتيجة الطالب في السنة التحضيرية ما بين 20-30% وبالتالي لن تكون الثانوية العامة سنة منتهية وتختفي رهبتها، كما أنها تتيح للطالب التمكن من بعض الكفايات والمهارات التي تقترن لحد كبير بسوق العمل بالإضافة إلى دراسة بعض المقررات التي تلبي رغبته في دراسة التخصص المتسق مع معارفه ومهاراته وميوله ويمكن تصنيف التخصصات إلى بعض المسارات التالية[ مسار العلوم الطبية/ الصحية- مسار العلوم الهندسية /الأساسية – مسار العلوم القانونية /الإدارية – مسار العلوم الإنسانية / التربوية].
الفكرة الخامسة : بشان نقل وندب الملاحظين ورؤساء اللجان من محافظة إلى أخرى .
– مضمون الفكرة .. الاكتفاء بنقل أو ندب السادة الملاحظين داخل مراكز نفس المحافظة وذلك في حالة إقرار إشراف أساتذة الجامعات على امتحانات الثانوية وبذلك يتم توفير الملايين من الجنيهات للصرف على امتحانات الفصل الدراسي الأول للثانوية العامة وزبادة حوفز المعلمين ومكافآت أساتذة الجامعات، ومن لديه قناعات بعدم إتاحة الغش لن يفعل لو راقب على ابنه ، ومن يفقد هذه القيمة سيتيح الغش لو مع الغرباء.
*
الفكرة السادسة : بشأن الإعلان عن نتائج الثانوية العامة.
– مضمون الفكرة : عدم الإعلان عن أوائل الثانوية العامة قبل تحميلها على المواقع الإلكترونية ، مع إتاحة خدمة إرسال النتائج عبر أحد شركات المحمول ( مزاد) بمبلغ رمزي وليكن (5-10) جنيه برسالة تصل لكل طالب على رقم ولي الأمر في ذات اللحظة، ومن هذه المبالغ يمكن الصرف على امتحانات الثانوية في منتصف الفصل أو صرف حوافز للمعلمين ومكافآت أساتذة الجامعات عند إقرار إشرافهم على تنظيم امتحانات الثانوية العامة، مع ضرورة توفير استمارات الثانوية العامة بالمدارس اليوم التالي مباشرة لظهور النتيجة حتى لو تأخر ظهور النتيجة أسبوع كامل.
*
الفكرة السابعة: إقرار وزن نسبي للاختبارات العملية للمواد الدراسية ذات الطبيعة العملية.
– مضمون الفكرة : تخصيص وزن نسبي لا يقل عن 20-25% من مجموع درجات المواد العملية [ كيمياء – فيزياء- أحياء – جيولوجيا – رياضيات ] للاختبار العملي داخل المعامل من خلال وضع ضوابط مقننة لتحقيق هذا الهدف وتوفير المستلزمات والأدوات اللازمة لذلك ، ويستلزم قبل ذلك أن يسبقها تدريب الطلاب داخل المعامل أكثر من مرة ويمكن أن تكون هذه الفكرة في حالة تطبيقها أحد أهم المتغيرات المؤثرة في عودة الطالب للمدرسة والاهتمام بها، وتنظيم اختبارات شفوية للمواد ذات الطبيعة النظرية لطلاب الشعبة الأدبية أو مشروعات بحثية يتم مناقشتهم فيها
*
الفكرة الثامنة: إتاحة فرصة ثانية للطلاب الراسبين للحصول على الدرجة كاملة وليست درجة النجاح.
مضمون الفكرة: أن يتاح للطالب فرصة ثانية للامتحان في عدد لا يقل عن [4] مواد دراسية باعتبار أن الامتحان قياس تجربة تعلم وليس عقابا للطالب شرط أن يحصل على الدرجة الفعلية وليست درجة النجاح.
*
الفكرة التاسعة : في حالة عدم إقرار السنة التحضيرية يتم تنظيم امتحان قومي يسمى امتحان الكفاءة الجامعية University Qualification Exam(UQE)
مضمون الفكرة : يتم تطبيق امتحان قومي من أربعة نماذج وفقا للمسارات الأربعة وتخصصاتها [ مسار العلوم الطبية/ الصحية- مسار العلوم الهندسية /الأساسية – مسار العلوم القانونية / الإدارية – مسار العلوم الإنسانية / التربوية]، و يهدف هذا الامتحان التأكد من مستوى الطالب الحقيقي ، حيث يتم تنظيمه وفقا لدرجات كل طالب في المواد الدراسية في الثانوية العامة والمسار الذي يرغب الدراسة فيه ويعتبر هذا الاختبار أفضلية لالتحاق الطالب بالجامعة ويجوز للطالب إعادته أكثر من مرة.
*****
الفكرة العاشرة : الكتب الخارجية بدائل لكتب الوزارة.
مضمون الفكرة: الواقع يشير إلى عزوف ما لا يقل عن 95% من الطلاب عن الاعتماد على كتب الوزارة رغم التكلفة التي قد تصل لملايين بل مليارات الجنيهات، ولذلك نقترح الإعلان عن مسابقة التأليف لدور النشر الخاصة في جميع المواد الدراسية سواء للثانوية العامة أو غيرها وذلك وفقا لمعايير أخلاقية وفنية وتربوية تضعها لجنة علمية تحت إشراف الوزارة واختيار أفضل كتاب خارجي وهو مرغوب لدى الطالب و ولي الأمر ، وبذلك يتم توفير الملايين للصرف على تنظيم امتحان الفصل الدراسي الأول للثانوية العامة في حالة إقراره و زيادة مكافآت المعلمين أو الصرف على مكافآت أساتذة الجامعات في حالة مشاركتهم للإشراف على الامتحانات
*
الفكرة الحادية عشر : درجات مخصصة للسلوك والموظبة على الحضور
– مضمون الفكرة : تخصيص في حدود 10 درجات لحضور الطلاب وسلوكهم مع المعلم وأقرانهم والتزامهم في المحافظة على السلوكيات المدرسية المرغوبة[ ونحن نفكر في مضمون هذه الفكرة يرجى مرجعية التحدي الثالث من التحديات سالفة الذكر] وتعبر هذه الفكرة من أهم العوامل المؤثرة في التغلب على التحدي الأكبر ( عودة الطالب والمعلم للمدرسة). وقد تم طرح هذه الفكرة سابقا في عهد معالي الوزير ا.د.الهلالي الشربيني ولكن للأسف نالت مقاومة واعتراض شديد بسبب التحدي الثالث [ أزمة الثقة].
*
وفي الختام لنا رجاء و نداء .. آن الأوان لاستحداث هيئة للتخطيط العليا للتعليم مستقلة عن الوزارة المعنية بالتنفيذ ( وزارة التربية والتعليم ) مع وجود هيئة ثالثة للمتابعة والرقابة والتقويم وتكون الهيئات الثلاثة مستقلة في الأداء ومتكاملة في المضمون والفكر [هيئة التخطيط العليا للتعليم – الوزارة المعنية (هيئة التنفيذ) – هيئة للرقابة والمتابعة والتقويم].
والله من وراء القصد موفقا ومعينا ،
حفظ الله بلادنا من كل مكروه وسوء ، و تحيا مصر ، تحيا مصر ، تحيا مصر