الاجتماعيات

منصة عرض أم مرآة شخصية؟ الشباب في مواجهة تأثير الموضة

موضة العصر: بين هيمنة "التريند" وضياع الذات

تقرير – إنچي عادل سامي

مقدمة: 

شهدت السنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا لظاهرة الاهتمام بالموضة بين الشباب والفتيات، حيث لم تعد الملابس مجرد وسيلة للتستر أو الراحة، بل أصبحت انعكاسًا للشخصية وطريقة للتعبير عن الذات، ومع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار صور المشاهير والمؤثرين، تحول الاهتمام بالموضة إلى هوس يومي، يسعى خلاله الكثير من الشباب لمواكبة كل جديد في عالم الأزياء.

الموضة كوسيلة للتعبير عن الذات

يعتبر الشباب أن الموضة اليوم هي لغة صامتة للتعبير عن الهوية والانتماء، فاختيار الألوان، وأنماط الملابس، وحتى الإكسسوارات لم يعد يتم بشكل عشوائي، بل يعكس صورة متكاملة عن الشخص وثقافته وأسلوب حياته، ومع تنوع الصيحات العالمية وظهور “التريند” بشكل مستمر، أصبح الشاب أو الفتاة يقضون وقتًا طويلًا في متابعة الجديد، بل وأحيانًا ينفقون مبالغ كبيرة للحصول على إطلالة مشابهة لما يشاهدونه عبر الإنترنت.

الضغوط الاقتصادية

ورغم هذا الشغف، يظل الجانب المادي عائقًا أمام الكثيرين، فالملابس ذات الماركات العالمية أو حتى التقليد عالي الجودة أصبحت مرتفعة الثمن بشكل كبير، ويشعر العديد من الأسر بعبء مادي متزايد، نتيجة محاولات الأبناء مجاراة أصدقائهم، أو تلبية رغبتهم في شراء أحدث الموديلات، وفي بعض الحالات، قد يضطر الشباب للتخلي عن احتياجات أساسية، مقابل اقتناء قطعة ملابس أو حذاء يحمل شعارًا شهيرًا، الأمر الذي يكشف عن حجم الضغوط الاقتصادية، التي تفرضها الموضة على المجتمع.

الموضة والهوية الثقافية

لا يقتصر تأثير الموضة على الجوانب المادية فقط، بل يمتد ليشمل الهوية الثقافية، فمع تقليد الشباب للموضة الغربية في الأزياء وقصات الشعر والإكسسوارات، بدأت ملامح الطابع المحلي تتراجع شيئًا فشيئًا، ورغم أن الانفتاح على الثقافات الأخرى يعكس تطورًا وتنوعًا، إلا أن غياب التوازن بين الأصالة والمعاصرة قد يؤدي إلى تلاشي بعض المظاهر التراثية التي تميز المجتمع المصري والعربي، عبر عقود طويلة.

الآثار النفسية والاجتماعية

إلى جانب الأبعاد الاقتصادية والثقافية، تترك الموضة أثرًا نفسيًا واجتماعيًا على الشباب، فالمقارنات المستمرة بين الأفراد في المظهر الخارجي، قد تولد شعورًا بالنقص أو عدم الرضا عن الذات لدى من لا يستطيعون مجاراة الآخرين، كما أن الهوس بالبحث عن الكمال في الشكل قد يقود إلى ضغوط نفسية كبيرة، ويؤثر على العلاقات الاجتماعية، حيث باتت بعض الصداقات تُقاس بما يرتديه الفرد، لا بما يحمله من قيم أو أخلاق.

خاتمة: 

تظل الموضة في جوهرها وسيلة لإبراز الجمال والثقة بالنفس، لكنها في الوقت نفسه قد تتحول إلى مصدر ضغط اقتصادي ونفسي واجتماعي، إذا تجاوزت حدودها الطبيعية، وبين شغف الشباب بمواكبة كل جديد وحاجة المجتمع، للحفاظ على هويته وتوازنه، يبقى السؤال: كيف يمكن إيجاد صيغة تتيح الاستمتاع بالموضة، دون أن تتحول إلى عبء أو هوس؟.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى