
تقرير – سلسبيل وليد
مقدمة
في عصر التكنولوجيا والرقمنة، بات للشباب والمرأة دور محوري في تشكيل مستقبل المجتمعات، فارتباط الشباب بالتكنولوجيا ليس مجرد استخدام الإنترنت ووسائل التواصل، بل يشمل المهارات الرقمية، الابتكار، ريادة الأعمال، والمشاركة في الاقتصاد الرقمي. وللمرأة، هناك فرص كبيرة لكنها مصحوبة بتحديات اجتماعية وثقافية واقتصادية تقيّد إمكانياتها في هذا المجال.
الواقع في مصر
يبلغ عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة حوالي 21.3 مليون شخص في مصر في عام 2025، ما يمثل حوالي 19.9٪ من إجمالي السكان. منهم قرابة نصفهم من الإناث، من بين هؤلاء الشباب، 89٪ يستخدمون الإنترنت لعام 2022، في التعليم العالي، في عام 2023 ـ 2024، كان هناك حوالي 3.8 مليون طالب – نسب الإناث تقارب الذكور بنسبة قليلة الفارق.
الفجوة في المهارات التقنية
رغم أن نسبة مشاركة الفتيات في التعليم العام مرتفعة، إلا أن المهارات التقنية المتخصصة مثل البرمجة، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني وغيرها، لا تزال تشهد نقصًا في التمثيل النسائي.
التوظيف وفرص العمل
خريجات التعليم الفني والمهني يواجهن صعوبة في دخول سوق العمل التقني، فهن غالبًا ما يعانين من تمييز في المعامل، أو من متطلبات غير واقعية.
في دراسة عن النساء الفنيّات في مصر، تمَّ توثيق أن نسبة كبيرة منهن (حوالي 81.5٪) خارج سوق العمل بعد التخرج من التدريب المهني والفني، بالمقارنة مع نسبة الذكور.
البُنى التحتية الرقمية والموارد
عدم توفر الإنترنت الجيد أو الأجهزة الرقمية في بعض المناطق، خاصة في صعيد مصر والمناطق الريفية، يُعدّ من عوامل الإقصاء الرقمي.
الحواجز الاجتماعية والثقافية
الأدوار التقليدية وتوقعات الأسرة، التي تحدّ من حرية التنقل والمشاركة في التدريب والعمل، خاصة في الأوقات التي تستلزم حضورًا فعليًا.
القوالب النمطية عن أن مجال التكنولوجيا للرجال أو أن التقنيات تحتاج إلى “عقلية تقنية” لا تتناسب مع الفتيات.
الوصول إلى التمويل والدعم
المبادرات قد تكون موجودة، لكن غالبية الشباب والنساء الذين لديهم أفكار ابتكارية أو مشاريع ناشئة يواجهون صعوبة في الحصول على تمويل أو التوجيه اللازم.
مبادرات حكومية وتقنية
Qodwa-Tech for Women’s Empowerment: مبادرة من وزارة الاتصالات المصرية تهدف إلى تمكين النساء رقميًا، وتدريبهن على تكنولوجيا المعلومات، وتوفير فرص للتجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي، مبادرة “Tamkeen” بدعم من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ووكالات أخرى، تستهدف الفتيات والشابات لتقوية مهاراتهن وقدراتهن، لا سيما في الحلول الرقمية والخضراء.
منظمات غير حكومية وبرامج متخصصة
Women Digital Centers من Orange: مراكز تدريب في محافظات الصعيد وغيرها تتيح للنساء والشابات الذين يعانين من ضعف التعليم أو الظروف المادية تدريبًا رقميًا مجانياً، باوركت وتعلّم الاستخدام الأساسي للتكنولوجيا.
Huawei & National Council for Women: شراكة قدمت برامج مثل “Technology for Her”, “Technology with Her”, “Technology by Her” لتدريب وإنشاء فرص للنساء في المجالات التكنولوجية، برنامج Green Minds & Future Fit Accelerator من الـ UNDP: يستهدف طالبات جامعات عالية ويقدّم تأهيلًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، الاستدامة، والتقنيات الناشئة، برنامج Banan (Youth Leaders Foundation): برنامج يدعم رائدات أعمال من خريجات المدارس المهنية، ويتضمن التدريب، المعرض، منصة إلكترونية لعرض المنتجات والتسويق، كما يحتوي على ورش عمل تقنية مثل تصميم روبوتات وتطبيقات، زيادة وعي المرأة والشابة بأهمية المهارات الرقمية وفرص العمل المرتبطة بها، تحولات في نوع الوظائف التي تستهدف النساء، من وظائف تقليدية إلى وظائف تعتمد التكنولوجيا والابتكار، ظهور نماذج نسائية رائدة في مجال التكنولوجيا وريادة الأعمال، ما يعطي مثالًا يحتذى بها، تحسين فرص التمكين الاقتصادي، خاصة في المناطق التي كانت النساء تعاني نقصًا في المشاركة الاقتصادية.
تعزيز المهارات الرقمية المبكرة
إدخال التدريب على الحاسوب والبرمجة ضمن المنهج المدرسي من المراحل المتوسطة، مع تشجيع الفتيات من سن مبكرة.
توسيع البنى التحتية الرقمية
ضمان توفير الإنترنت بسرعة جيدة وأجهزة ميسّرة في المناطق الريفية والريفية البعيدة.
زيادة الوصول إلى التدريب المهني التقني
دعم المدارس والمعاهد المهنية التي تركز على التكنولوجيا، وضمان أن تكون فرص التدريب متاحة وميسّرة للفتيات.
تمكين المشاريع الناشئة للنساء
تسهيل الحصول على تمويل وتوجيه للشابات الرياديات، وتدعيم حاضنات الأعمال والمسرّعات التي تركز على المرأة.
مناصرة ثقافية وتوعية
حملات إعلامية لتغيير الأفكار النمطية حول المرأة في التكنولوجيا، عرض قصص نجاح، تشجيع الأسره والمجتمع على دعم الفتيات.
سياسات داعمة من الدولة
سنّ تشريعات وسياسات تحفّز الشركات والمؤسسات التقنية على توظيف النساء ومراعاة التنوع والمساواة في الرواتب والتطوير المهني.
خاتمة
التكنولوجيا تشكّل مدخلاً قويًا لتمكين المرأة والشباب في مصر، لكنها ليست فرصة تُمنح بسهولة، بل تحتاج إلى دعم مستدام من جميع الجهات: الحكومة، المجتمع المدني، القطاع الخاص، والأسرة. من خلال الجمع بين التدريب، التمكين القانوني، البنية التحتية، والتوعية الثقافية، يُمكن أن نشهد طفرة حقيقة في مشاركة المرأة في الحياة الرقمية والاقتصادية وفي قيادة الابتكار.