
تقرير – ميريهان عماد
مقدمة
تزايدت خلال السنوات الأخيرة معدلات الاكتئاب بين المراهقين حول العالم، حتى صار يُعدّ من أخطر التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه الأسر والمجتمعات،
في ظلّ الضغوط الدراسية، وتغيرات المراهقة الجسدية والعاطفية، وتأثيرات السوشيال ميديا، يجد كثير من الشباب أنفسهم في دوامة من الحزن وفقدان الشغف والعزلة، دون أن يدركوا أنهم يواجهون مرضًا نفسيًا حقيقيًا يحتاج إلى علاج ودعم، وليس مجرد “مرحلة وتعدّي”.
ما هو اكتئاب المراهقين؟
بحسب تقرير Mayo Clinic، فإن اكتئاب المراهقين هو اضطراب نفسي خطير يؤثر في طريقة التفكير والشعور والسلوك، وقد يؤدي إلى مشكلات دراسية واجتماعية وصحية،
ورغم أن أي شخص يمكن أن يُصاب بالاكتئاب في أي عمر، فإن المراهقة مرحلة حساسة تتسم بتقلبات هرمونية ومشاعر متناقضة، ما يجعل الشاب أو الفتاة أكثر عرضة لتطور الحالة.
أعراض لا يجب تجاهلها
تظهر علامات الاكتئاب في شكل تغيّرات واضحة في المشاعر والسلوك، ومن أبرزها:
الحزن المستمر أو البكاء المتكرر دون سبب واضح.
فقدان الاهتمام بالأنشطة والهوايات السابقة.
تراجع الثقة بالنفس والشعور بالذنب أو بعدم القيمة.
اضطراب النوم بين الأرق أو النوم المفرط.
تغيّرات في الشهية والوزن.
الانعزال عن الأصدقاء والعائلة.
ضعف الغياب المتكرر
أفكار عن الموت أو الرغبة في الانتحار في الحالات الشديدة، وتشير الدراسات إلى أن واحدًا من كل 8 مراهقين قد يمرّ بنوبة اكتئاب في مرحلة ما من حياته، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية.
أسباب متعددة وراء الاكتئاب
يرى الأطباء أن الاكتئاب لا ينشأ من سبب واحد، بل نتيجة تفاعل عدة عوامل، من أهمها:
كيمياء الدماغ: خلل في النواقل العصبية المسؤولة عن المزاج.
الهرمونات: التغيرات الهرمونية خلال المراهقة قد تؤدي إلى اضطراب المشاعر.
الوراثة: وجود تاريخ عائلي للاكتئاب يزيد من احتمالية الإصابة.
الضغوط الاجتماعية: مثل التنمر، المقارنة المستمرة، وفقدان الأصدقاء.
الصدمة النفسية المبكرة: كفقدان أحد الوالدين أو التعرض للعنف الجسدي أو النفسي.
وتضيف Mayo Clinic أن اكتساب أنماط تفكير سلبية منذ الصغر، كالشعور بالعجز أو الخوف من الفشل، يمكن أن يغذي الاكتئاب مع مرور الوقت
رأي المتخصصين: الدعم النفسي ضرورة وليس رفاهية
تقول الدكتورة جينيفر ك. سميث، أخصائية الطب النفسي بعيادات مايو كلينك، إن “التعامل المبكر مع الاكتئاب يغيّر مسار حياة المراهق بالكامل”،
وتؤكد أن الدعم الأسري هو المفتاح الأول للعلاج، فالمراهق لا يحتاج دائمًا دواءً، بل من يفهمه ويستمع إليه،
كما تشير الدراسات الحديثة إلى أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يُعدّ من أكثر الأساليب فعالية في تعديل أنماط التفكير السلبية، إلى جانب العلاج الدوائي في الحالات المتقدمة.
كيف نحمي أبناءنا من الاكتئاب؟
يوصي الخبراء بعدة خطوات تساعد على الوقاية من تفاقم الحالة، من بينها:
تعزيز الثقة بالنفس وتشجيع المراهق على التعبير عن مشاعره،
تنظيم النوم والابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية قبل النوم،
تشجيع ممارسة الرياضة والهوايات الجماعية،
مراقبة أي تغيّرات مفاجئة في السلوك أو الانعزال،
طلب المساعدة من الطبيب أو الأخصائي النفسي عند ملاحظة أعراض مستمرة،
كما تؤكد Mayo Clinic على أهمية الاستشارة المبكرة، لأن تجاهل الأعراض قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل الإدمان أو السلوك العدواني أو حتى الانتحار.
أرقام ودراسات
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 20% من المراهقين حول العالم يعانون اضطرابات نفسية، في مصر، سجلت دراسات محلية ارتفاعًا في معدلات القلق والاكتئاب بين طلاب المدارس الثانوية بنسبة تتراوح بين 25% إلى 30%، وتؤكد التقارير الطبية أن العلاج المبكر خلال الأشهر الأولى من ظهور الأعراض يزيد من فرص التعافي بنسبة تصل إلى 80%.
خاتمة
يُشار إلى أن اكتئاب المراهقين لم يعد موضوعًا هامشيًا، بل قضية صحة عامة تستحق الاهتمام مثلها مثل أي مرض عضوي.
ويبقى السؤال:
هل نحن مستعدون فعلاً للاستماع إلى جيل يعاني في صمت؟ أم ما زال الصمت هو الطريقة التي نواجه بها الألم النفسي؟