حين تتنافس الصفحات الورقية مع الشاشات.. من ينتصر في معركة القراءة؟
بين دفء الورق وسرعة الشاشة.. قراءة في مستقبل الكلمة

تقرير – رحمة عماد
مقدمة
ماذا لو اختفى الورق يومًا؟ هل ستظل القراءة تحمل المعنى نفسه؟ بين صفحات تُقلب وأخرى تُمرر بالإصبع، يعيش القارئ صراعًا صامتًا بين الحنين إلى الماضي وسرعة الحاضر.
بين رائحة الورق ولمعة الشاشة.. رحلة بين نوعين من القراءة
ينقسم العالم في جميع المجالات إلى أسلوبين: الأسلوب التقليدي والحياة العادية، بينما يتجه آخرون إلى أساليب العصر الحديث، ومن الأوساط التي تأثرت بهذه التوجهات المختلفة هي عالم الكتب، فانقسم القُراء إلى نوعين: قارئ الكتاب والرفيق التقليدي والقارئ الإلكتروني وال”PDF”.
الحنين إلى الورق.. سحر القراءة التقليدية

يقول الدكتور محمد محمود حمودة، مدرس واستشاري الطب النفسي بكلية الطب وجامعة الأزهر، أن القراءة من الكتب الورقية فيه نوع من النوستالجيا أو الحنين إلى الماضي، فعندما نقرأ في الكتب الورقية نستعيد الماضي مع رائحة الورق ومسكة الكتاب، كل هذه الأشياء تخلق مشاعر لدى الشخص المُعتاد على القراءة منذ الصغر.
وتشير المدربة فاطمة ضاهر، مدربة تعديل سلوك وممارس متقدم بالبرمجة العصبية اللغوية، إلى أن الشباب يبحثون عن مصادر تعينهم على فهم أنفسهم والتعامل مع التحديات الحياتية وهو ما يجعلهم يفضلون الكتب التي تمنحهم تجربة قراءة متأنية ومركزة بعيدًا عن المُشتتات الرقمية.
فوائد تتجاوز المعرفة.. الورق علاج للروح والعقل
كما أظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد، أن القراءة من الكتب المطبوعة تعزز من الروابط العاطفية مع النصوص أكثر من الشاشة، ما يفسر تعلق بعض القراء بالكتب الورقية عن الإلكترونية أو ال”PDF”.
ووفقًا لدراسات سابقة، فإن القراءة لمدة 6 دقائق يوميًا تساعد على تخفيف التوتر بنسبة تصل إلى 68%، وهي تُعد نسبة أعلى من تأثير الموسيقى أو المشي، إلى جانب قدرتها على تحقيق معالجة أفضل للنصوص، بفضل تجربة اللمس الفيزيائي التي تعزز الفهم والاستيعاب العاطفي للنصوص.
جيل جديد وعودة إلى الورق رغم زحمة التكنولوجيا
ورغم التقدم الرقمي، واحتلاله لجميع مجالات الحياة وخاصةً عند الشباب، إلا أن مازال هناك بعض القراء الشباب يفضلون الكتب الورقية.
ومن أسباب ذلك التوجه: الهروب من العالم الرقمي المزدحم وتعزيز التركيز، نظرًا للتشتت التي تسببه وسائل التواصل الاجتماعي من رسائل وإشعارات، في حين توفر الكتب الورقية تجربة متعمقة؛ تساعد على التفكير بهدوء وعمق في الأفكار المطروحة والشخصيات.
على الجانب الآخر من الصفحة يولد القارئ الرقمي
أما عن القارئ الإلكتروني، فيجد للكتاب داخل الشاشة مزايا متعددة، وسط ضجيج العالم والمشتتات المختلفة وضيق الوقت، ليجده حلًا عمليًا ورفيقًا في جيبه أينما ذهب.
مزايا الشاشة.. حرية الوصول ومرونة التجربة
ومن أبرز مزايا الكتاب الإلكتروني: سهولة الوصول والنقل، وذلك من خلال ضغطة زر واحدة، يجد القارئ نفسه بين سطور الكتاب.
وتوفر الكتب الإلكترونية المساحة من خلال المكتبة الافتراضية، على عكس المكتبة الورقية، التي تحتاج إلى مساحة فعلية لتخزينها.
كما يوفر الكتاب الإلكتروني خيارات متعددة، ومنها حجم الخط والإضاءة والألوان، ما يساعد القارئ على خلق أجواء تناسبه تساعده على القراءة المريحة والملاءمة له.
إحصاءات تكشف المشهد.. هل تغيرت عادات القراءة؟
ووفقًا لدراسة سابقة، نجد نسبة قارئ الديجيتال تصل إلى 29% يقرأون الكتاب الرقمي، و30% سمعوا كتابًا مسجلًا، ورغم ذلك أثبتت الدراسات والتحقيقات أن القراءة الورقية ما تزال متفوقة في العقدين الأخيرين.
وفي عام 2024، أُجري استطلاع رأي قامت به مجلة ” سي إي أو وورلد” على القراء في حوالي 102 دولة حول العالم، وأشارت نتيجة الاستطلاع إلى أن مصر تُعد من المركز الأول عربيًا وال39 عالميًا بمعدل 5 كتب في السنة بعدد ساعات قراءة إلكترونية 121 ساعة سنويًا.
تتعدد مزايا كل أسلوب، ولكن يبقى السؤال المطروح هل ستقضي التكنولوجيا على القارئ التقليدي، وتهيمن التكنولوجيا على عالم الكتاب أم سيبقى للكتاب الورقي جمهور خاص به، يجد ملاذه بين رائحة الورق؟
الكتاب باقٍ.. مهما تغيّر شكل الصفحة
وتختم كوتش فاطمة ظاهر حديثها قائلة: الكتاب ليس مجرد مصدر للمعرفة، بل هو مساحة للتفكر والتأمل والهروب من ضغوط الحياة الرقمية، وفي ظل هذه العودة القوية للقراءة الورقية، يمكننا القول بثقة إن الكتاب سيظل رفيقًا أساسيًا للشباب في رحلتهم نحو النمو والفهم.
خاتمة
ربما تتبدل الوسائل، لكن جوهر القراءة لا يتغير؛ فهي عادة تصنع الفرق في الفكر والوجدان، لذلك اجعل القراءة رفيقك اليومي، بأي شكل تختاره، فالمهم أن تبقى الكلمة حاضرة في يومك، ولا تترك الكتاب ينتظر على الرف أو يُنسى في ملف.
المصادر:
https://www.adswis.com/%D8%A7%D9%84%D9
https://ireadhub.com/%D8%A7%D9%84%D9%83