مقالات
أخر الأخبار

تزييف السوشيال ميديا.. الحقيقة المفقودة في عالم الوهم الرقمي

في زمن الهيمنة الرقمية.. كيف تحولت وسائل التواصل من منصة للتقارب إلى مصنع للأوهام؟

  • بقلم: الكاتب الصحفي أحمد فوزي

 

في عصر أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، تحولت هذه المنصات من وسيلة للتقارب والتواصل إلى ساحة ضخمة لتزييف الحقائق وصناعة الوهم. فبين منشور مزيف وصورة معدلة وفيديو مفبرك، بات من الصعب التفرقة بين الحقيقة والزيف في عالمٍ تحكمه الخوارزميات وتتحكم به المصالح.

 

لقد خلقت “السوشيال ميديا” بيئة خصبة لانتشار المعلومات المغلوطة والأخبار الكاذبة، سواء بدافع الشهرة أو الكسب المادي أو حتى التلاعب بالرأي العام. فكم من نجمٍ صعد بفضل محتوى مزيف، وكم من سمعةٍ تحطمت بسبب إشاعة لا أساس لها من الصحة!

 

ولعل الأخطر من ذلك هو التأثير النفسي والاجتماعي الذي تسببه هذه الظاهرة، حيث أصبح كثير من الشباب يعيشون حياة غير واقعية عبر الشاشات، يسعون لتقليد صور مثالية لا تمت للواقع بصلة. فالمقارنة المستمرة مع “المظاهر المزيفة” تولّد الإحباط وفقدان الثقة بالنفس، وتغذي ثقافة المظاهر على حساب القيم الحقيقية.

 

كما أن انتشار الذكاء الاصطناعي وبرامج التزييف العميق (Deepfake) زاد من تعقيد المشهد، إذ أصبح بالإمكان خلق شخصيات وأحداث كاملة غير حقيقية، يصعب تمييزها حتى على الخبراء. وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن المعلوماتي والمجتمعي، ويجعل من الضروري وجود وعي رقمي حقيقي لدى المستخدمين.

 

إن مواجهة تزييف السوشيال ميديا تتطلب تضافر الجهود بين الأفراد والمؤسسات والدول، عبر نشر ثقافة التحقق من المصادر، ودعم الإعلام المهني الموثوق، وتشديد الرقابة على المحتوى المضلل. فالمعركة لم تعد بين الحقيقة والكذب فقط، بل بين الوعي والجهل، بين من يبحث عن المعلومة ومن يكتفي بالظاهر.

 

وفي النهاية، علينا أن ندرك أن السوشيال ميديا ليست شرًا مطلقًا، لكنها سلاح ذو حدين. فإن استخدمناها بوعي أصبحت وسيلة للبناء والتنلزيفها، تحولت إلى آلة لتشويه العقول وضياع الحقيقة في بحرٍ من الأكاذيب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى