تقرير – فاتن شعيب
مقدمة
كل صباح يبدأ المصريون رحلة مزدحمة بالحكايات، من المواقف إلى الأتوبيسات، حيث تختلط الهموم بالضحكات، ويتحول الطريق إلى مسرح للحياة اليومية.
بداية اليوم بين الزحام والانتظار
منذ الصباح الباكر، تزدحم المواقف بالركاب، وتعلو أصوات السائقين والمنادين، وكلٌّ يسابق الوقت للحاق بعمله أو مدرسته، المشهد يتكرر كل يوم، لكنه لا يخلو من المواقف الإنسانية، كأن يساعد شاب امرأة على الصعود، أو يضحك الركاب من تعليق طريف يخفف الزحام.

وجوه الناس وحكاياتهم
داخل كل وسيلة نقل حكاية مختلفة. موظف يراجع أوراقه، وطالبة تحمل كتبها، وسائق يقاتل الزحام بابتسامة متعبة، في هذا العالم الصغير تتلاقى طبقات المجتمع جميعها، على مقاعد واحدة تجمع الغني والفقير في رحلة قصيرة لكنها مليئة بالحياة.
شكاوى الركاب ومعاناة الطريق
ورغم الألفة التي تجمع الغرباء، إلا أن المعاناة لا تغيب. الأجرة في زيادة، والزحام يزداد، والمركبات تحتاج إلى صيانة، كثيرون يقضون في المواصلات ساعات طويلة تتجاوز ساعات العمل نفسها، ومع ذلك يتقبلونها كجزء من روتين الحياة اليومية.

أرقام تعكس حجم التحدي اليومي
هذه الحكايات اليومية لا تقتصر على بضعة آلاف، بل هي جزء أصيل من حياة الملايين من مستخدمي النقل الجماعي في المدن المصرية.
تشير الإحصائيات إلى أن عدد الرحلات اليومية عبر شبكة النقل العام المتنوعة (الأوتوبيسات، الميكروباصات، ووسائل النقل البري الأخرى) يتجاوز عشرات الملايين من الرحلات، مما يجعلها الشريان الحيوي لأكثر من 60% من القوة العاملة في البلاد.
أما على المستوى الاقتصادي، فتبلغ نفقات الأسر المصرية على المواصلات والانتقالات نسبة تقارب 6.1% من إجمالي نفقاتها السنوية، وهو ما يجعلها تحتل المرتبة الرابعة في قائمة الإنفاق.
هذه الأرقام تؤكد أن كل دقيقة تأخير أو زيادة في الأجرة ليست مجرد إزعاج عابر، بل عبء اقتصادي حقيقي يقع على كاهل الطبقة الكادحة التي تقضي ساعات طويلة بين الزحام بحثاً عن لقمة العيش.

السائقون أبطال الظل
في قلب الزحام يقف السائق ساعات طويلة تحت الضغط، يتحمّل المسؤولية بين الزبائن والمرور والمخاطر اليومية، يقول أحدهم: “اللي بيوصل الناس لازم يكون صبور، وإلا مش هيكمل اليوم، أما البائعون الجائلون فهم جزء من الصورة، يسعون بين المقاعد حاملين قوت يومهم وسط ضجيج المدينة.
مواقف لا تُنسى
في وسط الطريق، تظهر ملامح الإنسانية في أبهى صورها. راكب يترك مقعده لمسن، وآخر يدفع أجرة غيره، وسيدة تشارك طفلاً قطعة بسكويت، هي لحظات بسيطة، لكنها تعكس قلب المجتمع المصري وروحه الطيبة التي لا تغيب رغم المشقة.

أمل في التطوير والتغيير
تسعى الحكومة مؤخرًا لتحسين منظومة النقل بإطلاق أتوبيسات حديثة وتطبيقات إلكترونية تسهّل التنقل داخل المدن، ومع وعي الناس المتزايد بأهمية النقل الجماعي، يمكن أن تتحول المواصلات العامة من عبء إلى تجربة أكثر راحة وتنظيمًا.
خاتمة
ورغم الزحام والتعب، تظل المواصلات العامة مرآة تعكس حياة المصريين اليومية، بما فيها من صبر وابتسامة وإصرار على العيش، فكل رحلة، مهما كانت قصيرة، تحمل في طياتها حكاية جديدة تُروى من قلب الطريق.




