مقالات

أيّادٍ تبدع وخامات تحكي.. الحِرَف اليدوية في السعودية في عام التغيير

نهضة الحرف السعودية: من موروث رمزي إلى رافد اقتصادي في ظل رؤية 2030

إيمان أشرف 

مقدّمة 

تعد الحِرَف اليدوية من أقدم أشكال التعبير الثقافي لدى المجتمعات، وفي المملكة العربية السعودية تحتلّ الحِرَف اليدوية موقعاً محوريًا في حفظ الهوية الوطنية وإبراز التراث الثقافي غير المادي، تتجلى هذه الأهمية عبر مبادرات حكومية متنوعة تهدف إلى إعادة الحيوية لهذا القطاع، وتحويله من موروث رمزي إلى رافد اقتصادي و إبداعي فاعل في إطار رؤية المملكة 2030. 

أهمية الحِرَف اليدوية في السعودية

ترمز الحِرَف اليدوية إلى التراث الثقافي غير المادي للمملكة، باعتبارها “مرآة صادقة لتفاعل الإنسان مع بيئته المحلية، بما تحمله من مهارة وإبداع وقيم جمالية متوارثة “. 

الحرفة اليدوية لم تعد مجرد نشاط تقليدي، بل تتحول إلى استثمار في الذاكرة والمستقبل، حيث أعلن عام 2025 في المملكة كعام للحرف اليدوية، ضمن مسعى لتعزيز حضورها الاقتصادي والثقافي. 

وفق تقديرات، بلغت إيرادات سوق الحِرَف اليدوية السعودية نحو 1.3 مليار دولار، مع توقعات بنموها إلى حوالى 5 مليارات ريال سعودي بحلول عام 2028. 

المبادرات الحكومية والخطوات التنفيذية

 1. إعلان «عام الحِرَف اليدوية 2025»

أعلنت وزارة الثقافة السعودية إطلاق منصة إلكترونية ودليل هوية بصرية لمبادرة عام الحِرَف اليدوية 2025، حيث تم تقديم شعار مستوحى من الخامات الطبيعية مثل الأخشاب والطين والجلد، وعناصر من المشغولات المعدنية والنخيل. 

ضمن الأهداف: تمكين الحرفيين السعوديين ودعم إنتاجهم الحرفي ، والتوعية بأهمية وقيمة الحِرَف اليدوية، وتسليط الضوء على أنواع الحِرَف وتعزيز حضورها في الحياة اليومية.

 

لقراءه المزيد من التفاصيل

 2. تأسيس جهات وشركات متخصصة

أطلقت شركة حرف السعودية التابعة لهيئة التراث، لتعزيز قطاع الحِرَف اليدوية ذات الجودة العالية، مستوحاة من الثقافة والجذور التراثية، وتصنع بأيدي سعودية. 

لقراءه المزيد من التفاصيل

تتطلّع الشركة إلى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، والمساهمة في الناتج المحلي للمملكة، بما يتماشى مع أهداف الرؤية. 

 3. تمكين الحرفيين وترخيصهم وتدريبهم

عبر منصة منصة أبدع (الإلكترونية) يتم تسجيل الحرفيين وإصدار تراخيص ممارس حرفي أو رخصة محل بيع منتجات حرفية. بلغ عدد المسجلين نحو 9,824 شخصًا، منهم 2,042 حرفيًا و778 حرفية. 

تم إنشاء العديد من مراكز الإبداع الحرفي في مختلف مناطق المملكة، وتقديم برامج تدريبية متخصصة للحِرَف اليدوية، مثل: فن وصياغة المجوهرات، صناعة الأواني الخشبية، القطّ العسيري، وغيرها. 

 لقراءه المزيد من التفاصيل

أقامت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض ورشًا ودورات في الحِرَف اليدوية (النسيج، التطريز، السدو، سعف النخيل…) لترويج الثقافة الحِرَفية ضمن إطار العام الثقافي للحِرَف. 

في منطقة المدينة المنورة، نظّمت جمعية الثقافة والفنون معرضاً بعنوان “فنون تحكي قصص ” ضمن مبادرة عام الحِرَف اليدوية، لعرض مشغولات جلدية ومعدنية ومطرزات وغيرها، مما يساهم في إشراك الجمهور وإحياء التراث. 

لقراءه المزيد من التفاصيل

 

الحِرَف اليدوية– أمثلة من الواقع السعودي

حرف مثل السدو (نسيج البادية) التي يجبفها الحرفيون بمهارة عالية، وقد وصفها باحث أجنبي بأنها «أفضل مثال على الاهتمام بالحرفة اليدوية البدوية». 

حِرفة نسج سعف النخيل الخوص، حيث تنسج من أوراق أشجار النخيل الأوعية والسلال و الحصائر .

مشغولات من المعدن، والخشب، والفخار، والخيزران وغيرها، في مناطق مختلفة من المملكة، تظهر تنوع الحِرف اليدوية السعودية. 

لقراءه المزيد من التفاصيل

 

الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية

تشكّل الحِرَف اليدوية مصدر دخل مهم للعديد من الحرفيين (رجالًا ونساءً) وتُساعد في تمكين المرأة من خلال الإحصائيات التي تسجّل مشاركة 778 حرفية في السجل الوطني الحرفيين 

تلعب دورًا في السياحة الثقافية؛ إذ تثري وجهات المملكة بالمشغولات اليدوية والأنشطة الحرفية التي تهم الزوار. 

من منظور تنويع الاقتصاد، تعدّ الحِرَف اليدوية رافدًا ضمن الاقتصاد الثقافي والإبداعي الذي تسعى المملكة إلى تطويره ضمن رؤية 2030. 

التحديات والفرص القادمة

التحديات

رغم النمو والدعم، هناك حاجة لرفع جودة المنتجات الحِرفية وربطها بأسواق أكبر محليا ودوليا.

التوازن بين المحافظة على الأصالة وبين إدخال اللمسة العصرية أو الابتكار.

تسويق فعّال وصناعة هوية تجارية للحِرف اليدوية، مع استثمار المنصات الرقمية. 

الفرص

إمكانية توسيع صادرات الحِرَف اليدوية السعودية وتعزيز حضورها عالميا ضمن النمو المتوقع للسوق. 

دمج الحِرَف اليدوية في قطاع التجربة الثقافية/السياحية مما يسهم في خلق تجارب زائرية فريدة. 

دعم الحِرَفين/الحرفيات من خلال برامج التمويل والتدريب التي تطلقها الجهات المختصة. 

خاتمه

يشكل قطاع الحِرَف اليدوية في المملكة العربية السعودية نموذجاً حيًا لمحول بين التراث والمستقبل؛ فقد باتت الحِرَف اليدوية “استثمارًا في الذاكرة والمستقبل” 

من خلال مبادرات مثل “عام الحِرَف اليدوية 2025” وغيرها من البرامج، تعمل المملكة على إحياء هذا الإرث وتحويله إلى نشاط اقتصادي و إبداعي يؤكد الهوية السعودية ويحفظها للأجيال القادمة

يبقى التحدي في تحقيق التكامل بين الأصالة والابتكار، وبين الإنتاج والموارد التسويقية، لتصبح الحِرَف اليدوية ليست فقط جزءًا من الماضي، بل أيضاً من حاضر مزدهر ومستقبل مبهر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى