أخبار

تأثير الروائح على الذاكره والمشاعر.. اعرف التفاصيل

تقرير: ريهام عسل

مقدمة

للروائح قدرة عجيبة على تحريك قلوبنا قبل عقولنا فبمجرد أن نشم رائحة معيّنة، نجد أنفسنا نعود في ذكرى قديمة، أو شعور دافئ افتقدناه، وترجع قوة تأثير الروائح إلى ارتباطها المباشر بمراكز الذاكرة والعاطفة في الدماغ، مما يجعلها من أقوى المحفزات التي تُعيد إحياء الماضي في ثوانٍ قليلة.

تبدأ الرائحة كجزيء كيميائي ينتقل عبر الأنف إلى مستقبلات حاسة الشم، حيث تتم معالجة الإشارة أولًا بطريقة يمكن للدماغ فهمها، تنقل الخلايا العصبية هذه المعلومات إلى اللوزة الدماغية، المسؤولة عن العواطف، ثم إلى الحصين المجاور، المختص بالذاكرة والتعلم.

ويشير “جون ماكغان”، الأستاذ المشارك في قسم علم النفس بجامعة روتجر في نيوجيرسي، إلى أن الروائح هي الحاسة الوحيدة التي تصل مباشرة إلى المراكز العاطفية في الدماغ دون المرور بمنطقة “المهاد”، التي تعمل كبوابة لبقية الحواس كالسمع والبصر واللمس قبل إرسال إشاراتها لبقية أجزاء الدماغ، تصل الروائح إلى اللوزة والحصين عبر تشابك عصبي خاص، مما يمنحها قدرة قوية على التأثير في المشاعر والذكريات.

صورة أرشيفية

وتوضح “راشيل هيرز”، الأستاذة المساعدة في كلية الطب النفسي والسلوك البشري بجامعة براون ومؤلفة كتاب رائحة الرغبة، أن هذا الترابط يجعل من الممكن لرائحة مألوفة لكنها منسية منذ زمن أن تثير العواطف فجأة، أحيانًا حتى لتدفع الشخص إلى البكاء، مستحضرةً ذكريات قوية مخزنة في العقل.

عاطفة الرائحة تقوم عليه العلاقة بين الروائح والذكريات

ذكرت “راشيل هيرز” أن هناك خاصية فريدة للروائح، إذ يمكنها أن تدفع الإنسان إلى استرجاع ذكريات قديمة لم يخطر له التفكير فيها من قبل بالمقابل، فإن الاعتياد على رؤية أشخاص معينين أو التواجد في أماكن مألوفة لا يثير بالضرورة ذكريات محددة بعينها.

دخولك المتكرر إلى غرفة المعيشة يصبح مجرد “منبه متكرر”، تكرره بشكل اعتيادي، لكنه لا يستحث ذكرى معينة حدثت في تلك الغرفة. أما إذا ارتبطت رائحة معينة بحدث معين في ماضيك، فإن استنشاق هذه الرائحة مرة أخرى هو ما يمكنه أن يبعث تلك الذكرى إلى ذهنك، مهما طال الزمن على حدوثها.

صورة أرشيفية

الروائح والمشكلات الصحية

تمتد العلاقة بين الروائح والذاكرة لتشمل المشكلات الصحية المرتبطة بالذاكرة، فقد أشار “جون ماكغان” إلى أن ضعف حاسة الشم قد يكون من الأعراض المبكرة لأمراض فقدان الذاكرة، مثل مرضَي باركنسون والزهايمر، كما يمكن أن يحدث هذا الضعف نتيجة التقدم في السن.

وقد يكون هناك تفسير تطوري لهذه العلاقة بين العواطف والروائح. فقد ذكرت “راشيل هيرز” أن اللوزة الدماغية تطورت في الأصل من منطقة في الدماغ كانت مسؤولة عن الكشف عن المواد الكيميائية، وأضافت: “العواطف تخبرنا بما ينبغي الاقتراب منه أو تجنبه، وهذا بالضبط ما تفعله حاسة الشم. لذا يرتبط كلاهما ارتباطًا وثيقًا ببقاء الإنسان.

صورة أرشيفية

تأثير العطور على الذاكره الذكريات

تعتمد قدرة العطور على تنشيط الذاكرة على تأثير الرائحة على المنطقة الليمبية في الدماغ، وهي المسؤولة عن المشاعر والذكريات، عند استنشاق رائحة معينة، ترسل الخلايا الحسية في الأنف إشارات عصبية إلى هذه المنطقة، حيث تُعالج وتفسر.

تشير الأبحاث العلمية إلى أن العطور يمكنها تعزيز استرجاع الذكريات المرتبطة بها فمثلًا، إذا استخدمتِ عطرًا مميزًا خلال تجربة هامة أو مناسبة خاصة، فإن شمّ نفس الرائحة لاحقًا قد يعيد إلى ذهنك ذكريات تلك التجربة ومشاعرها، لدرجة أنك قد تشعرين وكأنك تعيشين الحدث من جديد.

إحياء الذكريات بواسطة العطور

تتجاوز قدرة العطور مجرد تحفيز الذاكرة لتصل إلى استرجاع الذكريات العاطفية والشخصية. فعلى سبيل المثال، قد يرتبط عطر معين بشخص عزيز على قلبك، سواء كان أحد أفراد العائلة أو الشريك العاطفي. وعند استنشاق هذه الرائحة، تعود إلى ذهنك ذكريات ذلك الشخص والتجارب المشتركة معه، مما يثير مشاعر الحنين والارتباط العاطفي.

صورة أرشيفية

رابط المصدر

خاتمة

تبيّن أن العطور ليست مجرد روائح عابرة، بل لها قدرة مدهشة على تحريك الذكريات والمشاعر واستدعاء تجارب الماضي، فاستنشاق رائحة مألوفة يمكن أن يعيد إلينا لحظات سعيدة أو مؤثرة، ويجعلنا نعيشها كما لو كانت تحدث الآن، تُعد العطور جسرًا بين الحاضر والماضي، ووسيلة فريدة لفهم تأثير الحواس على حياتنا النفسية والعاطفية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى