
بقلم أ/جيهان عبد العزيز
منذ الأزلِ، كان البشرُ يتساءلون عن أصلِ الكونِ. كيفَ بدأَ كلُّ شيءٍ؟ وماذا كان قبلَ أن يظهرَ الكونُ بما يحتويه من نجومٍ وكواكب؟ يُعرَفُ هذا الحدثُ الهائلُ بـ”الانفجارِ العظيم”، والذي يُعتقدُ أنه حدثَ منذُ حوالي 13.8 مليارَ سنة، ليُشكِّلَ الكونَ الذي نعيشُ فيهِ اليوم. لكنْ ماذا كان قبلَ الانفجارِ العظيم؟ وهل كان هناك “لا شيء”؟ أم أن هناك عوالمَ أخرى أو قوانينَ فيزيائيةً مختلفةً تمامًا؟ 🤯
❓ ما الذي يقوله العلم؟
العلماءُ يستخدمونَ اليومَ تلسكوباتٍ عملاقةً وتقنياتٍ متقدمةً للغوصِ في أعماقِ الكونِ، في محاولةٍ لفهمِ هذه اللحظاتِ الأولى. وفقًا لنظريةِ الانفجارِ العظيمِ، كانَ الكونُ في بدايةِ تشكلهِ عبارةً عن نقطةٍ متناهيةِ الصغرِ ذاتِ كثافةٍ وحرارةٍ لا يمكنُ تصورُها. من هذه النقطةِ، انفجرَ الكونُ وبدأَ في التوسعِ، وما زالَ يتوسعُ حتى اليومِ. هذه الفكرةُ ليست مجردَ خيالٍ علميٍّ؛ بل هي نظريةٌ مدعومةٌ بالأدلةِ العلميةِ مثلَ إشعاعِ الخلفيةِ الكونيةِ الميكرويِّ وتوزيعِ المجراتِ في الفضاءِ.
لكن الأمرَ لا يتوقفُ هنا، إذ أن هذه النظريةَ التي تمثلُ حجرَ الزاويةِ في علمِ الكونياتِ اليومَ قد تمت الإشارةُ إليها في القرآنِ الكريمِ منذُ أكثرَ من 1400 عام!
📖 القرآنُ الكريمُ والإعجازُ العلمي
في القرآنِ الكريمِ، نجدُ إشاراتٍ واضحةً وعجيبةً عن نشأةِ الكونِ وأصلِ السماءِ والأرضِ، تتطابقُ بشكلٍ مذهلٍ مع الاكتشافاتِ العلميةِ الحديثةِ. على سبيلِ المثالِ، يقولُ اللهُ تعالى في سورةِ الأنبياءِ: “أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا” (الآيةُ 30). هذه الآيةُ تشيرُ إلى أنَّ السماواتِ والأرضَ كانتا متصلتينِ ككتلةٍ واحدةٍ قبلَ أن يتمَّ “فتقُهما” أو فصلهما.
🔬 العلمُ والآيةُ: توافقٌ مذهل
تتطابقُ هذه الآيةُ بشكلٍ مدهشٍ مع نظريةِ الانفجارِ العظيمِ، حيثُ كانَ الكونُ بأكملهِ متجمِّعًا في نقطةٍ واحدةٍ، ثم حدثَ الانفجارُ العظيمُ الذي فصلَ هذا “الرتق”، ليبدأَ الكونُ في التوسعِ والتمددِ. هذا الفتقُ الذي تشيرُ إليهِ القرآنُ يمكنُ تفسيرُهُ ببدءِ توسعِ الكونِ، وهو ما يؤكدُ عليهِ العلمُ الحديثُ.
ليسَ هذا فحسبُ، بل نجدُ في القرآنِ الكريمِ أيضًا إشاراتٍ أخرى تتماشى مع ما اكتشفَهُ العلماءُ عن الكونِ. في سورةِ الذارياتِ، يقولُ اللهُ تعالى: “وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ” (الآيةُ 47). هنا، يؤكدُ اللهُ على أنَّ السماءَ – أو الكونَ – في حالةٍ من التوسعِ المستمرِ، وهو بالضبطِ ما أثبتهُ العلماءُ بأنَّ الكونَ يتوسعُ منذُ لحظةِ الانفجارِ العظيمِ.
🛤 ماذا بعد؟
ما زالَ العلماءُ في سعيٍ دائمٍ لكشفِ المزيدِ من الأسرارِ عن الكونِ، في محاولةٍ لفهمِ ما الذي كان قبلَ الانفجارِ العظيمِ، وكيفَ ستنتهي قصةُ الكونِ. هل هناك أكوانٌ أخرى؟ هل سيتوقفُ الكونُ عن التوسعِ يومًا ما؟ أم أنه سيتحولُ إلى شيءٍ آخرَ تمامًا؟ الأسئلةُ لا تنتهي، والتشويقُ لا يزالُ قائمًا.
شاركنا أفكاركَ وتصوراتكَ عن أصلِ الكونِ! هل ترى أنَّ العلمَ يمكنُ أن يصلَ إلى الحقيقةِ الكاملةِ؟ أم أنَّ هناك حدودًا لا يمكنُ تجاوزُها؟