مقالات
قصة أنا، و الحمار، و هواك

بقلم. م. محمود عبد الفضيل
عند عودتى إلى القرية فى نهاية الأسبوع حيث كنت أعمل فى إحدى المحافطات، و انتظر هذا اليوم بفارغ الصبر للعودة للأصدقاء، و الأهل، و الاحباب.
وحيث تعد الاسرة الوجبات التى أحبها من محاشى، و طيور و لحوم كنت محروم طوال الأسبوع منها، حيث أن اعتمادي الرئيسي أثناء فترة العمل على الوجبات السريعة، و الشعبية توفيرا للوقت، و الجهد، و المال، خاصة أن المرتب لا يتحمل ترف الطهو.
دخلت البيت وسط ترحيب الأسرة، و لكن والدي طلب مني قبل تغيير ملابسي أن اصطحب الحمار الذى نملكه إلى الوحدة البيطرية، حيث أن الحمار يعانى من أعراض لم تكن تظهر عليه من قبل، من فقدان شهية، و كسل غير طبيعي و عدم رغبه في العمل، و كثرة النوم.
ركبت الحمار، و هو بشعر بضيق، و مضض متوقعا ذهابنا إلى الحقل، و لكنه عندما غيرت المسار اعتدل فى سيره، و أحس أن هناك تغيير في برنامجه اليومي، فمن يركبه هو أنا، و ليس الوالد الذي تعود على ركوبه يوميا.
كما أن خط السير اختلف ذهبنا إلى الوحدة البيطرية، و قطعنا كشفا مستعجلا، و لم ننتطر طويلا، و دخلنا إلى العيادة، و أنا ممسك بالحمار.
جلست على الكرسي، و هالني جمال الطبيبة المعالجة فقد كانت ذات ملامح أوربية من عيون زرقاء، و شعر كستنائي وقوام استثنائي نطلق عليه نحن أهل الريف من المثقفين عود فرنساوي، أما الشباب العادي يطلق عليه اسم فلكة.
بمجرد أن بدات في شرح حالة الحمار، و هي تبتسم ابتسامه رقيقه أحسست وقتها أن الشمس تشرق من بين أسنانها طمأنتني علي حالة الحمار، و قامت تكشف علي الحمار اكلينيكا فوجدت كل أجهزة جسمه بحالةٍ ممتازة.
و أخبرنتي أن الحمار يمر بحالة نفسية، صعبة، و أنه معرض للاكتئاب بسبب شعوره بالوحدة.
وحياته الروتينية بين الزريبة، و العمل الشاق في الحقل. سألتها و كيف عرفتي ذلك، قالت: أن الحمار جسمانيا في غاية
الصحة، و القوة، فهو حصاوي، و لكن الأعراض من عدم رغبة في العمل، و الكسل تدل على أنه مل روتين الحياة.
كان الحمار يهز راسه بالموافقة على كلامها. وتﭢييد كل حرف منه وهو ينظر إعجاب لها، و قمه الغضب لى.
سألتها إن كانت من أهل القرية؟
قالت لا أنا من المدينة، و أعمل هنا منذ سنتين بتكليف من الحكومة، طلبت منها روشته لعلاج الحمار من الاكتئاب
ابتسمت في رِقة، هى تُسوي شعرها الحريري المسترسل على وجنتيها، و امسكت بالقلم حينها لاحظت أنها لا ترتدي دبلة في يدها الصغيره البيضاء.
ثم كتبت نوع واحد فقط يسمي اتان، شكرتها في سرور، و اتفقنا علي كشف إعاده بعد اسبوعين.
توجهت إلى الصيدلية الملحقة بالوحدة، و سلمت الروشة للصيدلانية المشرفة على المكان، و هى أحد أقاربنا من بعيد
ابتسمت، و اخبرتني أن العلاج ليس عندها، و لكن عند المعلم حسني ابو السيد تاجر الحمير المشهور بالبلد، و عندما اخبرتها بأن المعلم حسني لا يتاجر في الادوية البيطرية
ضحكت، و قالت: العلاج أن الحمار يتزوج
ذهبت إلى والدي، و اخبرته بحالة الحمار، و رغبته في الزواج و اتجهنا إلى الحاج حسني، و قمنا بشراء أتان صغيرة السن لوضعها في الزريبة مع الحمار حصاوي.
ثم غادرت القرية إلى عملي، و أنا أفكر في الدكتورة سالي
و أتخيلها في كل لحظة، تتردد علي مسامعي كلماتها الرقيقة
كأنها قطرات ندي تتساقط على سطح ممرد
بعد أسبوعين عدت إلى البيت، و لم أجد أى شكوى من والدي بل كان سعيدا بأداء حصاوي في العمل، و انتطامه في القيام صباحا و إقباله على الأكل بدون رحمة من برسيم و تبن بل أن الجميع يتوقع أن يصبح حصاوي أباً في القريب العاجل.
خرجت من المنزل متجها إلى الوحدة البيطرية، بدون الحمار و قمت بقطع الاستشارة، و دخلت للدكتورة سالى، و كانت ترتدي ملابس أنيقة جدا، و بنطلون جينز من ماركة عالمية وتضع علي رأسها نظارة شمسية من ماركة عالمية أيضا.
سألتني عن حالة حصاوي، و لماذا لم يحضر؟
أخبرتها أن حصاوي في أحسن حال، و أن علاجها أتى بنتائج سريعة، ومبهرة.
و سألتها هل يصلح هذا العلاج للإنسان أيضا؟!
قالت: يصلح للجميع
طلبت منها روشته لى، و فهمت ما أقصد ، فكتبت عنوان منزلها في الروشتة، و اسم الوالد، و موعد المقابلة.
عدت إلى بيتي، واتجهت إلى زريبة المواشي، فوجدتها مليئه بالعجول، و لا توجد بها إناث، صحت فيهم بأعلى صوتي
يا بهايم الحمار حس و انتو لسه محستوش؟
انتبه اخي عطوة الذي كان يقوم بعلافة المواشي في الزريبة
ونظر إلىَُ مبتسما، و هو يرد نيابة عن العجول هو فيه حد بيتجوز الأيام دي غير
تمت